مقال خطير للجارديان يصف وضع مبارك العجوز
قالت صحيفة ’’الجارديان’’ البريطانية أنه في الوقت الذي لم يعد فيه الرئيس المصري حسني مبارك يسمع هتافات مؤيدة له، أصبحت أصوات المتظاهرين تعلو متهمة إياه بالخيانة والعمل على مصالح إسرائيل أكثر من مصالح مصر والعرب، خاصة في المظاهرات الأخيرة التي عمت أرجاء مصر تندد بالمجزرة الإسرائيلية على سفن أسطول الحرية الذي كان متجها لغزة.
في الشهر الماضي تحدثت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن علاقة الصداقة القوية بين مبارك ورئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نيتانياهو ، حيث يرى الأخير أن مبارك البالغ من العمر 82 عاما أقرب إليه من أي رئيس دولة في العالم
وعلى الصعيد الإقليمي، تعتبر مشاركة مبارك في الحصار الإسرائيلي على غزة نقطة ضعف سياسية ضد مبارك، فضلا عن الحفاظ على الحدود في رفح مغلقه ، ورش الأنفاق بالغاز السام أو هدمها على رؤوس العابرين منها، ناهيك عن جدار فولاذي بعمق 18 مترا يهدف إلى غلق كل السبل من وإلى غزة ، ومنع قوافل الإغاثة من الوصول إلى القطاع ، وأخيرا لعب نظام مبارك دورا كبيرا في فشل توصل الفصائل الفلسطينية فتح وحماس إلى تسوية الخلافات بينهما.
وقالت الصحيفة أن المكافآت التي تجنيها النخبة الحاكمة في مصر بتسهيلها الحصار غير القانوني على غزة تأتي من زاويتين، أولا: إعاقة حماس التي يعتبرها النظام المصري تهديدا له ويربط بينها وبين الإخوان المسلمين في مصر ، وثانيا: لأنه يمنح مصر الانضمام إلى قائمة الدول الاستبدادية في الشرق الأوسط والتي توصف بالدول المعتدلة، وعلى الرغم من أن هذا يبدو مثيرا للسخرية، إلا أنه يغدق عليها دعما أمريكيا كبيرا.
وأضافت الصحيفة أن الصداقة المصرية - الإسرائيلية تدر المليارات من الدولارات من المساعدات الأمريكية على مصر، وهو ما يستخدمه نظام مبارك في تمويل الأجهزة الأمنية للحفاظ على السلطة، كما أنها تضمن غض طرف الغرب عن النظر إلى التجاوزات الصارخة لحقوق الإنسان والديمقراطية في مصر.
ولكن يبدو أن الثمن الذي تدفعه الحكومة المصرية لقاء هذه الصداقة يأتي على حساب شعبيتها، فمصر رسميا في حالة تطبيع مع إسرائيل، بينما الغالبية العظمى من الشعب المصري يرفضونه تماما، وساعد على خلق حالة الاحتقان بين الحكومة المصرية وبين الشعب المصري ما حدث مؤخرا من إسرائيل تجاه الناشطين السلميين في قافلة الحرية، فأصبحت الدعوة تطالب بإسقاط إسرائيل، وبإسقاط مبارك ونظامه لأنهم يساندون إسرائيل!
وقالت الصحيفة إن عدد التظاهرات في مصر في العقد الأخير، خاصة تلك المتعلقة بالشأن العربي، قد ارتفعت ارتفاعا حادا في مرتين فقد بلغ عدد المتظاهرين في كل من الانتفاضة الفلسطينية عام 2000 والغزو الأمريكي للعراق عام 2003 أكثر من 40 ألف متظاهر احتشدوا في ميدان التحرير لأكثر من 24 ساعة، حتى اضطرت قوات مكافحة الشغب إلى تفريقهم بالقوة في النهاية.
وفي كل هذه المظاهرات، اقترنت الهتافات الداعمة لفلسطين والعراق، بهتافات مناوئة للنظام المصري الظالم، سواء داخل مصر أو خارجها، وربما يرجع هذا إلى أن المصريين ينادون الآن بإنهاء حصار غزة، ليشعروا هم أن حصارهم الداخلي سينتهي، فهم في حالة غليان مستمرة ولا يوجد أي متنفس لهم.
ويفسر الناشط السياسي حسام الحملاوي هذا قائلا: أينما يجتمع أي عدد من الناس للتظاهر، يبدءون بهتافات ضد مبارك، حتى لو اجتمعوا للتنديد بأفعال إسرائيل ضد الفلسطينيين، والغريب أن الشعب المصري هو دائما الأكثر تعاطفا مع فلسطين، رغم أن مبارك هو أهم حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط ويتبنى أكثر سياسة موالية لإسرائيل، ربما لأن الشعب المصري يستطيع أن يفهم القهر الذي يعاني منه الفلسطينيون تحت وطأة الاحتلال، وإن كان احتلال مصر مختلفا بعض الشيء.
ومع أوضاع المصريين الاقتصادية المتردية أكثر فأكثر، والانتخابات المعيبة التي صارت قاب قوسين، وسياسة إسرائيل "الصديقة" التي قتلت الأبرياء في عرض البحر المتوسط، أصبح مبارك ذو الثمانين عاما يحارب في أكثر من جبهة، فهل يستطيع مواجهة كل هذه العواصف في وقت واحد دون أن يغرق؟!
تعليقات