حسن البنا بأقلام المجاهدين والعلماء

لقد كان للشهيد الشيخ حسن البنا وأتباعه ومريديه في نصرة فلسطين والدفاع عنها جهود مشكورة وأعمال مبرورة كلها مآثر ومفاخر سجلها لهم تاريخ الجهاد الإسلامي بحروف من نور، وقد بذلوا على ثرى فلسطين مع إخوانهم المجاهدين من أبناء البلاد العربية والإسلامية دماء ذكية ومهجًا غالية، واستشهد منهم عصبة كريمة كانت في الرعيل الأول من المجاهدين الذين نفروا خفافًا وثقالاً لنجدة فلسطين.. وقال مفتي فلسطين الأكبر: "لقد اشتعل رأسي شيبًا وإن تحت كل شعرة لتجارب مريرة قاسية عميقة، فما انتهت بي هذه التجارب بعد طول المطاف إلا إلى النقطة التي ابتدأ منها الأستاذ حسن البنا جهاده الصادق".

يقول الشيخ محمد الحامد شيخ علماء حماه: "والذي أثر في نفسي تأثيرًا من نوع خاص، وله يد في تكويني الشخصي، سيدي وأخي في الله وأستاذي، الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله، وأغدق عليه غيوث الإحسان والكرم.

صحبته في مصر سنينًا، وحديثي عنه لو بسطته، لكان طويل الذيل، ولكانت كلماته، قطعًا من قلبي، وافلاذًا من كبدي، وحرقًا من حرارة روحي، ودموعًا منهلة منسجمة تشكل سيلاً من فاجع الألم وعظيم اللوعة.

ولكنني أكتفي بالإيجاز من الإطناب، وبالاختصار من التطويل، وقد بكيته كثيرًا بعد استشهاده على نأي الدار وشط المزار، ولا أزال أذكره حتى ألقاه في زمرة الصالحين إن شاء الله تعالى وتبارك.

إنه أخي قبل إخوتي في النسب، ولما وافاني نبأ اغتياله قلت: إن موت ولديّ- ولم يكن لي غيرهما حينئذ- أهون عليّ من وفاة الأستاذ المرشد.

وكنت رأيت فيما يرى النائم ليلة قتل، ولا علم عندي بالذي حصل، رأيت أننا في معركة مع اليهود، وقد بدأ التقهقر في جندنا؛ حتى إني لأمشي منحنيًا؛ لئلا يصيبني رصاصهم، فاستيقظت واستعذت بالله من شر هذه الرؤيا. وفي النهار ألقى إليّ بعض الناس الخبر، فكان وقعه أشد من شديد، وكان تأويل رؤياي.

إني أقولها كلمة حرة ولا بأس بروايتها عني، أقول: إن المسلمين لم يروا مثل حسن البنا منذ مئات السنين، في مجموع الصفات التي تحلى بها، وخفقت أعلامها على رأسه الشريف. لا أنكر إرشاد المرشدين، وعلم العالمين، ومعرفة العارفين، وبلاغة الخطباء والكاتبين، وقيادة القائدين، وتدبير المدبرين، وحنكة السائسين.

لا أنكر هذا كله عليهم، من سابقين ولاحقين، لكن هذا التجمع لهذه المتفرقات من الكمالات، قلما ظفر به أحد كالإمام الشهيد رحمه الله.

لقد عرفه الناس وآمنوا بصدقه، وكنت واحدًا من هؤلاء العارفين به، والذي أقوله فيه قولاً جامعًا: هو أنه كان لله بكليته، بروحه وجسده، بقالبه وقلبه، بتصرفاته وتقلبه، كان لله، فكان الله له، واجتباه وجعله من سادات الشهداءالأبرار.

إن سيدي وأخي الإمام الشهيد، ذو وفاء في حياته وبعد وفاته، فقد تراءى لي في المنام كثيرًا في مدى سنين، وقد رأيت فيما يرى أنى جالس معه في جملة من أصحابنا، على مائدة فيها أطباق خبز وأطباق ريحان يؤكل، لكنه ريحان من النوع الممتاز، فاستيقظت، وذكرت قول الله تعالى: (فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ* فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ).

يقول سمو الأمير عبد الكريم الخطابي: "لقد كنا نسمع عن المرحوم الأستاذ حسن البنا وحركته الإسلامية الفتية ونحن في المنفى، ولما لجأنا إلى مصر العزيزة وتقابلنا مع الأستاذ المرشد عرفنا فيه الشخصية الإسلامية والأخوة الإسلامية وازداد فينا الأمل" ويضيف: "إن الأستاذ البنا ولي من أولياء الله الصادقين، ولقد حاول إنقاذي منذ عشر سنوات أو أكثر من منفاي السحيق، وأعد العدة لذلك ورسم له الخطة، وجهز السفن ولكن الظروف قضت بالتربص إلى فرصة أخرى، وحين تسمح الظروف بنشر ما لدينا من أنباء يعرف الناس حقيقة هذا الولي الكبير.

يقول السيد علال الفاسي رئيس حزب الاستقلال المراكشي: "أعتقد أن الدعوة كانت تستفيد كثيرًا من حياة البنا لو لم يوافه الأجل المحتوم، ولكن العشرين سنةً التي قضاها دائبًا ليل نهار على بذر بذور فكرته وتطعيمها والعناية بها يجعلها في مأمن من أن تطوح بها أيدي الزمان العاتية".

ويتحدث الأستاذ فضيل الورنلاتي الأمين العام لحزب الشورى والاستقلال المراكشي عن شخصية الإمام فيقول: عرفت الملة الإسلامية من رجال النهضة والإصلاح، كانوا من الأفذاذ وقد كان لهؤلاء أثر محسوس في بعث المسلمين من خمولهم الذي طالت عليه عهود وأزمنة، والذي يتنافى وروح الإسلام اليقظة الوثابة، ولكن شخصية الإمام المرشد رحمة الله عليه كانت أقوى ما عرف المسلمون في عصرهم هذا من رجال الدعوة إلى سبيل الله ، بل إن الإمام المرشد فاق غيره من كبار الدعاة المسلمين بأن اتخذ لدعوته الكبرى وجهة ونظامًا أصبحنا معها قوة فعالة في سبيل الإسلام والمسلمين".

وتحدث الأستاذ محمد هاشم الإندونيسي فقال: "يذكر الإندونيسيون جهودًا كبيرة كان لها أثر عظيم في نصرة القضية الإندونيسية في مصر والشرق العربي، ويذكرون مع الذكرى ما كان يجدون في دعوة الإخوان المسلمين التي مثلها الإمام الشهيد أصدق تمثيل صدى لتلك الروح الإسلامية التي تسود المسلمين في إندونيسيا.. ولقد كان للمرحوم الأستاذ البنا فضل العمل وإفساح المجال أمام الشباب الإندونيسي الذي عمل لقضية بلاده في مصر، فكانت جريدة الإخوان ومجلتهم ودارهم ميدانًا واسعًا لمزاولة نشاطهم فيه والدعوة لقضية بلادهم".

ويضيف الأستاذ محمد هاشم ممثل الجالية الإندونيسية في مصر: "إن الزعماء الإندونيسيين الذين مروا بمصر منذ انتهاء الحرب حتى استشهاد المرشد كان أول ما يسجلونه في برنامج زيارتهم هو مقابلة الإمام والتعرف عليه".

أما الأستاذ محمد هارون المجددي سكرتير السفارة الأفغانية فيصفه قائلاً: "كان الإمام الشهيد حسن البنا رضي الله عنه وأرضاه، صورة طيبة لخيرة أصحاب قائدنا الأعظم سيدنا محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ، فقد ملكت مبادئ الإسلام المثالية قلبه، وفكره في كل لحظة من لحظات حياته، وكان لا يعيش لنفسه بل يعيش لهذه الأمة الإسلامية التي توالت عليها المحن...".

ويشير السيد علي البهلوان السكرتير العام المساعد للحزب الحر الدستوري التونسي إلى أن اسم حسن البنا: "اقترن في نظر التونسيين بحركة التجديد والتظهير التي تجسمت في الإخوان المسلمين، وأصبح اسمه رمزًا لفكرة حية ومبدأ سام طالما تردد بين التونسيين من غير أن يجد من يسهر على تطبيقه حتى أبرزه المرشد العظيم".

وتحدث الشاذلي المكي مقارنًا بين الإمام البنا ومن سبقه من المجددين فيقول: ".. وفي نظري أنه إذا كانالمصلحون الذين تقدموا حين البنا مثل عمر بن عبد العزيز والغزالي وابن القيم وابن تيمية والأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا وعبد الحميد بن باديس وغيرهم قد نادوا بالإصلاح، وعملوا له، وحددوا معالمه وفقًا لقوله صلوات الله وسلامه عليه: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها"، فإن حسن البنا قد وضع لهذا الإصلاح بصمة لم يسبق لها، لا لمعالم التجديد والإصلاح فحسب، وإنما أيضًا الأسس والأركان، ومن ثم كان من أكبر المجددين المصلحين لهذه الأمة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دعاء أصحاب الكهف الجامع لخيري الدنيا والآخرة "رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا " ...

سندوتش مكرونة مع ابراهيم عيسى

وصية الحسن البصري لعمر ابن عبد العزيز .