من حكايات رابعة
-----
جلس الرجل ينتظر خروج ابنه – ذو ال 19 ربيعا - من غرفة العمليات ...
الأطباء أخبروه أن العملية خطيرة ...
ووقع على إقرارشديد الخطورة ...
ربنا كريم ...
كان الرجل يتمتم في سره ...
ويلهج لسانه بالدعاء ...
خرج الولد من العملية ...
العملية نجحت ...
لكن مازال هناك درجة عالية من الخطورة بعد العملية ...
والساعات التالية هي أخطر الساعات ...
أصاب الرجل إعياء شديد ...
فهو لم ينم من يومين ...
استرخى على مقعد بجوار ولده ...
أخذته سنة من النوم ...
رأى في المنام رجلا يطمئنه ...
ابنك مش حايموت دلوقت ...
ابنك حايموت شهيد ...
استيقظ فرحا منشرحا ...
الحمد لله ...
تحسن الولد ونجا من موت محقق ...
بعد عدة أشهر حدث إنقلاب السيسي على الشرعية ...
أصر الولد – رغم ظروفه الصحية - على نزول ميدان رابعة لنصرة الشرعية ...
أمام إصراره أصر الرجل أيضا أن يرافقه ...
أسر الولد لوالده أنه رأى في المنام أنه سيموت شهيدا ...
تحرك الولد مع جموع من أنصار الشرعية للإعتصام أمام الحرس الجمهوري ...
انطلقت رصاصات الغدر والفجر عليه وعلى زملائه وهم ساجدون ...
استشهد الشباب عن يمينه وعن شماله ومن أمامه ومن خلفه ...
الولد مصر على الشهادة ...
لم يهرب ...
شارك في اسعاف الجرحى ...
وحمل الشهداء على كتفه ...
استنشق دخان المعركة وعبير مسك الشهداء ...
لكنه لم ينل الشهادة ...
عاد إلى "رابعة" مرابطا ...
وجاء اليوم الموعود ...
يوم المنصة ...
المجرمون يطلقون عليهم الدخان ، والخرطوش ، والرصاص الحي ...
والبلطجية يجهزون على الجرحى بالأسلحة البيضاء ...
صاح الولد لو هزمونا سيكون الطريق الى "رابعة" مفتوحا ...
وسينتهكون حرمة النساء والأطفال ...
لن يمروا إلا على جثثنا ...
وتترس مع إخوانه يواجهون هذا الجيش المدجج بالحجارة ...
فجأة أصابته رصاصات الغدر ...
في رأسه ، ورقبته ، وصدره ...
اتصل أحد أصدقائه بوالده ...
احتسب ابنك شهيدا ...
سجد الرجل المؤمن لربه شاكرا ...
الحمد الله ...
أطلت في عمره ...
وأنجيته من الجراحة ...
ليموت شهيدا ويشفع لنا عندك ...
ياربي لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ...
استمر لسانه يلهج بحمد الله وشكره ...
حزم الرجل أمتعته هو وزوجه وبقية ابنائه ...
خرجوا يهتفون ..
لن نرجع إلا بمرسي ...
أو نلحق بمحمد ...
بكوا على أبواب رابعة ...
بيت حبيبهم محمد ...
نام الرجل سعيدا ...
رأى في المنام ما زاده فرحا ...
رأى رجال من الجيش يضربون السيسي ويهينونه حتى الموت ...
ورأى "مرسي" خطيبا على منصة "رابعة" ...
تعليقات